[b]وردت هذه الشبهه على أحد المنتديات فيما يتعلق بتناقض القرآن بالقول بعصمه الرسول عليه الصلاه والسلام
الشبهه كما وردت
يقول القرآن :
"يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ " المائدة 67
من خلال هذه الآية نفهم أن الله قد عصم نبيه محمد بن عبد الله من الناس ، فماذا تعني هذه العصمة ؟؟؟
أولاً : العصمة في اللغة :
تحت مادة "عصم" في معجم العين للفراهيدي يقول :
عصم: العِصْمَةُ: أن يَعْصِمَكَ اللهُ من الشّر، أي: يدفعُ عنك.
واعتصمت بالله، أي: امتنعت به من الشّر.
واستعصمت، أي: أبيت. وأَعْصَمْتُ، أي: لجأت إلى شيء اعتصمت به. قال:
قل لذي المَعْصِمِ المُمَسِّك بـالأط ناب يا ابن الفجار يا ابن ضريبه
وأَعْصَْتُ فلانا: هَيّأتُ له ما يعتصم به.
والغريق يَعْتَصِمُ بما تنالهُ يده، أي: يلجأ إليه. قال:
.................... يظلّ ملاّحه بالخوف معُتصما
تحت مادة "عصم" في لسان العرب - باختصار- نجد :
العِصْمة في كلام العرب: المَنْعُ.
....
واعْتَصَمَ فلانٌ بالله إذا امتنع به. والعَصْمة:
الحِفْطُ.
....
العصْمَةُ: المَنَعةُ.
والعاصمُ: المانعُ الحامي.
والاعْتِصامُ:الامْتِساكُ بالشيء
....
و في الصحاح للجوهري يقول :
عصم
.... والعِصْمَةُ: المَنْعُ.
يقال: عَصَمَهُ الطعامُ، أي منعَه من الجوع.
....
والعِصْمَةُ: الحِفْظُ. يقال: عَصَمْتُهُ فانْعَصَمَ. واعْتَصَمْتُ بالله، إذا امتنعتَ بلُطْفه من المعصية. وعَصَمَ يَعْصِمُ عَصْماً: اكتسبَ. وقوله تعالى: "لا عاصِمَ اليومَ من أمر الله" يجوز أن يراد لا مَعْصومَ، أي لا ذا عِصْمَةٍ، فيكون فاعلٌ بمعنى مفعولٍ.
....
قال ابن السكيت: أعْصَمْتُ القربة: جعلت لها عصاماً. وأعْصَمْتُ فلاناً، إذا هيَّأت له في الرحل أو السرج ما يَعْتَصِمُ به لئلا يسقُط. وأعْصَمَ، إذا تشدَّد واستمسك بشيءٍ خوفاً من أن يصرعَه فرسُه أو راحلته. قال الشاعر:
كِفْلُ الفروسةِ دائمُ الإعْصامِ
وكذلك اعْتَصَمَ به واسْتَعْصَمَ به.
هذا باختصار ، لمن شاء النصوص كاملة يجدها في الهامش .
ثانيا : تفسير الآية :
الطبري :
وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : { وَاَللَّه يَعْصِمك مِنْ النَّاس } يَمْنَعك مِنْ أَنْ يَنَالُوك بِسُوءٍ , وَأَصْله مِنْ عِصَام الْقِرْبَة , وَهُوَ مَا تُوكَأُ بِهِ مِنْ سَيْر وَخَيْط , وَمِنْهُ قَوْل الشَّاعِر : وَقُلْت عَلَيْكُمْ مَالِكًا إِنَّ مَالِكًا سَيَعْصِمُكُمْ إِنْ كَانَ فِي النَّاس عَاصِم يَعْنِي : يَمْنَعكُمْ .
ابن كثير:
وَقَوْله تَعَالَى " وَاَللَّه يَعْصِمك مِنْ النَّاس " أَيْ بَلِّغْ أَنْتَ رِسَالَتِي وَأَنَا حَافِظك وَنَاصِرك وَمُؤَيِّدك عَلَى أَعْدَائِك وَمُظْفِرك بِهِمْ فَلَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَن فَلَنْ يَصِل أَحَد مِنْهُمْ إِلَيْك بِسُوءٍ يُؤْذِيك وَقَدْ كَانَ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْل نُزُول هَذِهِ الْآيَة يُحْرَس كَمَا قَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا يَزِيد حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ سَمِعْت عَبْد اللَّه بْن عَامِر بْن رَبِيعَة يُحَدِّث أَنَّ عَائِشَة - رَضِيَ اللَّه عَنْهَا - كَانَتْ تُحَدِّث أَنَّ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَهِرَ ذَات لَيْلَة وَهِيَ إِلَى جَنْبه قَالَتْ : فَقُلْت مَا شَأْنك يَا رَسُول اللَّه قَالَ لَيْتَ رَجُلًا صَالِحًا مِنْ أَصْحَابِي يَحْرُسنِي اللَّيْلَة قَالَتْ فَبَيْنَا أَنَا عَلَى ذَلِكَ إِذْ سَمِعْت صَوْت السِّلَاح فَقَالَ مَنْ هَذَا فَقَالَ أَنَا سَعْد بْن مَالِك فَقَالَ مَا جَاءَ بِك قَالَ جِئْت لِأَحْرُسك يَا رَسُول اللَّه قَالَتْ فَسَمِعْت غَطِيط رَسُول - اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي نَوْمه أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ طَرِيق يَحْيَى بْن سَعِيد الْأَنْصَارِيّ بِهِ وَفِي لَفْظ سَهِرَ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَات لَيْلَة مَقْدَمه الْمَدِينَة يَعْنِي عَلَى أَثَر هِجْرَته بَعْد دُخُوله بِعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّه عَنْهَا - وَكَانَ ذَلِكَ فِي سَنَة ثِنْتَيْنِ مِنْهَا ....
و كامل النصوص تجدونها في الكتب المذكورة .
باختصار نجد أن العصمة في التفسير و في اللغة تؤديان معنىً واحداً و هو أن الله يمنع نبيه محمد من الناس ،أن يؤذوه أو ينالوه بسوء .
و لن نتكلم عن الأذى الذي لحق النبي في بلده الأول مكة ، لأن المائدة سورة مدنية ، فهذا يعني أن الآية نزلت بعد أن هاجر إلى المدينة ، و بعد أن اتخذ حرساً يحرسونه ، و هذا لم يكن ليتأتى له في مكة ، إذ كان المسلمون الأوائل مستضعفين ، اللهم إلا منعة رهطه من آل هاشم ، و هي لا تكفي و لا تُقارَن بالعصمة الإلهية .
إذاً القرآن يقرر بضمانة إلهية أن نبي الإسلام محمد كان في منعة من البشر . و الضمانة الإلهية نافذة لا رادّ لها ، و لكننا نقرأ آية أخرى تبدو مناقضة لهذه الآية ، حيث تقول :
"وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ" آل عمران 144
إن الله في الآية السابقة يضع احتمالية قتل محمد مقابل موته الطبيعي مثله مثل أي إنسان آخر ، فإما أن يموت المرء ميتة طبيعية أو يموت مقتولاً ، فلا ثالث لهذين الاحتمالين ، و السؤال الذي يطرح نفسه :
هل نسي الله ما قاله في سورة المائدة و العصمة التي منحها لنبيه و المنعة ليفترض هنا أنه يُمكِن أن يُقتَل ؟؟
المفروض أن الله دقيق جداً في تعابيره و لا ينسى ما يقول كما تقول الآيات "لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى" ، فكيف يجعل من قتل محمد أمر وارد و من خلاله هو (الله نفسه) بينما قال في آية أخرى أنه سيعصمه من الناس ؟؟؟
التناقض بيّن في الآيتين ، و نحن نفترض في الله أن يتحرى الدقة أكثر في كتابه ، فأين هذا من كلام تجار الإعجاز العلمي عن دقة التعبير القرآن و أنك لو بدلت كلمة مكان أخرى لاختل المعنى و غير ذلك من كلمات التخدير و التفخيم لهذا النص البشري المحض الذي يسري عليه ما يسري على غيره من الكتب .
في الخواطر القادمة سأركّز على التناقضات الواضحة في هذا الكتاب ، و التي لا يُفتَرَض أن يسقط فيها المنعوت بالكمال .
تحياتي
الهامش :
مادة "عصم" في لسان العرب كاملة :
اقتباس:
عصم: العِصْمة في كلام العرب: المَنْعُ. وعِصْمةُ الله عَبْدَه: أن
يَعْصِمَه مما يُوبِقُه. عَصَمه يَعْصِمُه عَصْماً: منَعَه ووَقَاه. وفي
التنزيل: لا عاصِمَ اليومَ مِنْ أَمْرِ اللهِ إلا مَنْ رَحِمَ؛ أي لا
مَعْصومَ إلا المَرْحومُ، وقيل: هو على النَسب أي ذا عِصْمةٍ، وذو العِصْمةِ
يكون مفعولاً كما يكون فاعلاً، فمِن هنا قيل: إن معناه لا مَعْصومَ، وإذا
كان ذلك فليس المُستثنى هنا من غير نوع الأَوَّل بل هو من نوعِه، وقيل: إلا
مَنْ رَحِمَ مُستثنىً ليس من نوع الأَوَّل،وهو مذهب سيبويه، والاسمُ
العِصْمةُ؛: قال الفراء: مَنْ في موضع نصبٍ لأن المعصومَ خلافُ العاصِم،
والمَرْحومُ مَعصومٌ، فكان نصْبُه بمنزلة قوله تعالى: ما لَهُمْ بهِ مِنْ
علمٍ إلا اتِّباعَ الظنِّ، قال: ولو جعلتَ عاصِماً في تأْويل المَعْصوم أي
لا مَعْصومَ اليومَ من أَمْرِ الله جازَ رفْعُ مَنْ، قال: ولا
تُنْكِرَنَّ أن يُخَرَّجَ المفعولُ
(* قوله «يخرج المفعول إلخ» كذا بالأصل
والتهذيب، والمناسب العكس كما يدل عليه سابق الكلام ولاحقه) على الفاعِل، أَلا
ترى قولَه عز وجل: خُلِقَ من ماءٍ دافِقٍ؟ معناه مَدْفوق؛ وقال الأخفش: لا
عاصِمَ اليوم يجوز أَن يكون لا ذا عِصمةٍ أي لا مَعْصومَ، ويكون إلا مَنْ
رحِمَ رفْعاً بدلاً مِنْ لا عاصم، قال أبو العباس: وهذا خَلْفٌ من
الكلام لا يكون الفاعلُ في تأْويل المفعول إلا شاذّاً في كلامهم، والمرحومُ
معصومٌ، والأوَّل عاصمٌ، ومَنْ نَصْبٌ بالاستثناء المنقطع، قال: وهذا الذي
قاله الأخفش يجوز في الشذوذ، وقال الزجاج في قوله تعالى: سآوِي إلى جبلٍ
يَعْصِمُني مِنَ الماء، أي يمنعُني من الماء، والمعنى مِنْ تَغْرِيقِ
الماء، قال: لا عاصِمَ اليومَ من أمر الله إلا مَنْ رَحِم، هذا استثناء ليس
من الأَول، وموضعُ مَنْ نصبٌ، المعنى لكنْ مَنْ رَحِمَ اللهُ فإنه معصوم،
قال: وقالوا: وقالوا يجوز أن يكون عاصِم في معنى مَعْصُوم، ويكون معنى
لا عاصِمَ لا ذا عِصْمةٍ، ويكون مَنْ في موضع رفعٍ، ويكون المعنى لا
مَعْصومَ إلا المرحوم؛ قال الأزهري: والحُذَّاقُ من النحويين اتفقوا على أن
قولَه لا عاصِمَ بمعنى لا مانِعَ، وأنه فاعلٌ لا مفعول، وأنَّ مَنْ نَصْبٌ
على الانقطاع. واعْتَصَمَ فلانٌ بالله إذا امتنع به. والعَصْمة:
الحِفْطُ. يقال: عَصَمْتُه فانْعَصَمَ. واعْتَصَمْتُ بالله إذا امتنعْتَ بلُطْفِه
من المَعْصِية. وعَصَمه الطعامُ: منَعه من الجوع. وهذا طعامٌ يَعْصِمُ
أي يمنع من الجوع. واعْتَصَمَ به واسْتَعْصَمَ: امتنعَ وأبَى؛ قال الله عز
وجل حكايةً عن امرأَة العزيز حين راودَتْه عن نفْسِه: فاسْتَعْصَمَ، أي
تَأَبَّى عليها ولم يُجِبها إلى ما طلبَتْ؛ قال الأزهري: العرب تقول
أَعْصَمْتُ بمعنى اعْتَصَمْت؛ ومنه قولُ أوس بن حجر:
فأَشْرَط فيها نفْسَه وهْو مُعْصِمٌ،
وأَلْقى بأَسْبابٍ له وتَوَكَّلا
أي وهو مُعْتَصِمٌ بالحبْل الذي دَلاَّه. وفي الحديث: مَنْ كانت
عِصْمتُه شَهادةَ أن لا إلهَ إلا اللهُ أي ما يَعْصِمُه من المَهالِك يوم
القيامة؛ العصْمَةُ: المَنَعةُ. والعاصمُ: المانعُ الحامي. والاعْتِصامُ:
الامْتِساكُ بالشيء، افْتِعالٌ منه؛ ومنه شِعْرُ أَبي طالب:
ثِمالُ اليتامَى عِصْمةٌ للأَرامِل
أي يَمْنعُهم من الضَّياعِ والحاجةِ. وفي الحديث: فقد عَصَمُوا مِنِّي
دِماءَهم وأَمْوالَهم. وفي حديث الإفْكِ: فعَصَمها الله بالوَرَعِ. وفي
حديث عُمَر: وعِصْمة أَبْنائِنا إذا شَتَوْنا أي يمتنعون به من شِدَّة
السَّنة والجَدْب. وعَصَمَ إليه: اعتصم به. وأَعْصَمَه: هَيَّأ له شيئاً
يعْتَصِمُ به. وأَعْصمَ بالفرَسِ: امْتَسكَ بعُرْفِه، وكذلك البعيرُ إذا
امْتَسَكَ بحَبْلٍ مِنْ حِبالهِ؛ قال طُفيل:
إذا ما غَزَا لم يُسْقِط الرَّوْعُ رُمْحَه،
ولم يَشْهَدِ الهَيْجا بأَلْوَثَ مُعْصِمِ
ألْوَث: ضعيف، ويروى: كذا ما غَدَا. وأَعصمَ الرجلُ: لم يَثْبُت على
الخيل. وأَعْصَمْتُ فلاناً إذا هَيَّأْتَ له في الرَّحْلِ أو السَّرْج ما
يَعْتَصِمُ به لئلا يَسقُط. وأَعصم إذا تشدَّد واسْتَمْسَكَ بشيءٍ من أَن
يَصْرَعَه فرَسُه أو راحلته؛ قال الجَحّاف بن حكيم:
والتَّغْلَبيّ على الجَوادِ غَنِيمة،
كِفْل الفُروسةِ دائِم الإعْصامِ
والعِصْمةُ: القِلادةُ، والجمعُ عِصَمٌ، وجمعُ الجمعِ أَعْصام، وهي
العُصْمةُ
(* قوله «وهي العصمة» هذا الضبط تبع لما في بعض نسخ الصحاح، وصرح
به المجد ولكن ضبط في الأصل ونسختي المحكم والتهذيب العصمة بالتحريك، وكذا
قوله الواحدة عصمة) أيضاً، وجمعُها أَعْصام؛ عن كراع، وأُراه على حذف
الزائد، والجمعُ الأَعْصِمةُ. قال الليث: أَعْصامُ الكِلابِ عَذَباتُها
التي في أَعناقِها، الواحدة عُصْمةٌ، ويقال عِصامٌ؛ قال لبيد:
حتى إذا يَئِسَ الرُّماةُ، وأَرْسَلُوا
غُضْفاً دَواجِنَ قافِلاً أَعْصامُها
قال ابن شميل: الذَّنَبُ بهُلْبِه وعَسِيبه يُسمَّى العِصامَ، بالصاد.
قال ابن بري: قال الجوهري في جمع العُصْمةِ القِلادةِ أَعْصام، وقوله ذلك
لا يَصحُّ، لأنه لا يُجْمَعُ فُعْلةٌ على أَفْعال، والصواب قول من قال:
إنَّ واحدَته عِصْمة، ثم جُمِعَت على عِصَمٍ، ثم جُمِع عِصَمٌ على
أَعْصام، فتكون بمنزلة شِيعة وشِيَع وأَشْياع، قال: وقد قيل إن واحدَ الأَعْصام
عِصْمٌ مثلُ عِدْلٍ وأَعْدالٍ، قال: وهذا الأَشْبهُ فيه، وقيل: بل هي
جمعُ عُصُمٍ، وعُصُمٌ جمعُ عِصامٍ، فيكون جمعَ الجمع، والصحيح هو الأول.
وأَعْصَمَ الرجلُ بصاحبِه إعْصاماً إذا لَزِمَه، وكذلك أَخْلَدَ به
إخْلاداً. وفي التنزيل: ولا تُمَسِّكُوا بِعِصَمِ الكَوافِر؛ وجاء ذلك في
حديث الحُدَيْبية جمع عِصْمة، والكَوافِر: النساءُ الكَفَرَةُ، قال ابن
عرفة: أي بِعَقْدِ نِكاحِهنَّ. يقال: بيدهِ عِصْمةُ النِّكاح أي عُقْدةُ
النِّكاح؛ قال عروة بن الورد:
إذاً لمَلَكْتُ عِصْمةَ أُمِّ وَهْبٍ،
على ما كان مِنْ حَسَكِ الصُّدُورِ
قال الزجاج: أصلُ العِصْمةِ الحبْلُ. وكلُّ ما أَمْسَك شيئاً فقد
عَصَمَه؛ تقول: إذا كفَرْتَ فقد زالتِ العِصْمةُ. ويقال للراكب إذا تقَحَّمَ به
بَعِيرٌ صعْبٌ أو دابَّةٌ فامْتَسك بواسِط رَحْله أو بقَرَبوسِ سَرْجِه
لئلا يُصْرعَ: قد أَعْصَمَ فهو مُعْصِمٌ. وقال ابن المظفَّر: أَعْصَمَ
وعِصامُ المَحْمِل: شِكالُه. قال الليث: عصاما المَحْمِلِ شِكالُه
وقَيْدُه الذي يُشَدُّ في طرف العارِضَيْن في أَعلاهما، وقال الأزهري: عِصاما
المَحْمِلِ كعِصامَي المَزَادَتيْن. والعِصامُ: رِباطُ القِرْبةِ
وسَيْرُها الذي تُحْمَل به؛ قال الشاعر قيل هو لامرئ القيس، وقيل لِتأَبَّط
شرّاً وهو الصحيح:
وقِرْبة أَقْوامٍ جَعَلْتُ عِصامها
على كاهلٍ مِنِّي ذَلولٍ مُرَحَّلِ
وعصامُ القِرْبةِ والدَّلْوِ والإداوة: حَبْلٌ تُشدُّ به. وعَصمَ
القِرْبةَ وأَعْصَمَها: جعلَ لها عِصاماً، وأَعْصَمَها: شَدَّها بالعِصام.
وكلُّ شيءٍ عُصِمَ به شيءٌ عِصامٌ، والجمعُ أَعْصِمةٌ وعُصُمٌ. وحكى أبو زيد
في جمع العِصامِ عِصام، فهو على هذا من باب دِلاصٍ وهِجانٍ. قال الأزهري:
والمحفوظُ من العرب في عُصُمِ المَزادِ أنها الحبالُ التي تُنْشَبُ في
خُرَبِ الرَّوايَا وتُشَدُّ بها إذا عُكِمَتْ على ظَهْر البعير ثم يُرْوَى
عليها بالرِّواء الواحدُ، عِصامٌ، وأما الوِكاءُ فهو الشريطُ الدقيقُ أو
السَّيْرُ الوثيقُ يُوكَى به فَمُ القِرْبة والمَزادةِ، وهذا كُلُّه
صحيحٌ لا ارْتِيابَ فيه. وقال الليث: كُلُّ حَبْلٍ يُعْصَمُ به شيءٌ فهو
عِصامُه. وفي الحديث: فإذا جَدُّ بني عامرٍ جَمَلٌ آدَمُ مُقيَّدٌ بِعُصُم؛
العُصُمُ: جمعُ عِصامٍ وهو رباطُ كلِّ شيء، أراد أن خِصْبَ بلادِه قد
حَبَسه بفِنائه فهو لا يُبْعِدُ في طلب المَرْعَى، فصار بمنزلة المُقَيَّد
الذي لا يَبْرحُ مَكانَه، ومثله قول قَيلةَ في الدَّهْناءِ: إنها
مُقَيَّدُ الجمَل أي يكونُ فيها كالمُقيَّدِ لا يَنْزِعُ إلى غيرِها من البلاد.
وعِصامُ الوعاءِ: عُرْوتُه التي يُعلَّقُ بها. وعِصامُ المَزادةِ: طريقةُ
طَرَفِها. قال الليث: العُصُمُ طرائقُ طَرَفِ المَزادة عند الكُلْية،
والواحد عِصامٌ؛ قال الأزهري: وهذا من أَغاليطِ الليث وغُدَدِه. والعِضامُ،
بالضاد المعجمة، عَسِيبُ البعير وهو ذَنَبُه العَظْمُ لا الهُلْبُ،
وسيذكر، وهو لُغَتانِ بالصاد والضاد. وقال ابن سيده: عِصامُ الذَّنَبِ
مُسْتدَقُّ طرفِه.
والمِعْصَمُ: مَوْضِعُ السِّوارِ من اليَدِ؛ قال:
فاليَوْمَ عِنْدَكَ دَلُّها وحَدِيثُها،
وغَداً لِغَيْرِكَ كَفُّها والمِعْصَمُ
وربما جعلوا المِعْصَم اليَد، وهما مَعْصَمانِ؛ ومنه أيضاً قول الأعشى:
فأَرَتْكَ كَفّاً في الخِضا
بِ ومِعْصَماً مِلْءَ الجِبارَهْ
والعَيْصومُ: الكثيرُ الأَكلِ، الذَّكرُ والأُنثى فيه سواء؛ قال:
أُرْجِدَ رَأْسُ شَيْخةٍ عَيْصُومِ
ويروى عَيْضُوم، بالضاد المعجمة. قال الأزهريّ: العَيْصومُ من النِّساء
الكثيرةُ الأَكْلِ الطَّويلةُ النَّوْم المُدَمْدِمةُ إذا انْتَبهتْ.
ورجلٌ عَيْصُومٌ وعَيْصامٌ إذا كان أَكُولاً. والعَصُومُ، بالصادِ: الناقةُ
الكثيرةُ الأَكْلِ. وروي عن المؤرِّج أنه قال: العِصامُ الكُحْلُ في بعض
اللغات. وقد اعْتَصَمتِ الجاريةُ إذا اكْتَحَلتْ، قال الأزهري: ولا أعرف
راويَه، فإن صحت الروايةُ عنه فهو ثقةٌ مأْمونٌ. وقولهم: ما وَراءََك يا
عِصامُ؛ هو اسم حاجِب النُّعمان بن المُنْذِر، وهو عِصامُ بن شَهْبَر
الجَرْمِيّ؛ وفي المثل: كُنْ عِصامِيّاً ولا تَكُنْ عِظاميّاً؛ يُرِيدون به
قوله:
نَفْسُ عِصامٍ سَوَّدَتْ عِصاما
وصَيَّرَتْه مَلِكاً هُماما،
وَعَلَّمَتْه الكَرَّ والإقْدامَا
وفي ترجمة عصب: رَوَى بعضُ المُحَدِّثين أن جبريلَ جاء يومَ بَدْرٍ على
فرسٍ أُنثى وقد عَصَمَ ثَنِيَّتَه الغُبارُ أي لَزِقَ به؛ قال الأزهري:
فإن لم يكن غَلطاً من المُحدِّث فهي لغة في عصب، والباءُ والميمُ
يَتعاقبانِ في حروف كثيرة لقرب مَخرجَيْهما، يقال: ضرْبة لازِبٍ ولازِمٍ، وسَبَدَ
رأْسه وسَمَدَه.
والعواصِمُ: بِلادٌ، وقَصَبتُها أَنْطاكِيةُ.
وقد سَمَّوْا عِصْمةَ وعُصَيْمةَ وعاصِماً وعُصَيْماً ومَعْصوماً
وعِصاماً. وعِصْمةُ: اسمُ امرأَة؛ أنشد ثعلب:
أَلَمْ تَعْلَمِي، يا عِصْمَ، كَيْفَ حَفِيظَتي،
إذا الشَّرُّ خاضَتْ جانِبَيْه المَجادِحُ؟
وأَبو عاصمٍ: كُنْىة السَّويقِ.
مادة عصم في الصحاح للجوهري :
عصم
أبو عمرو: العَصِيمُ: بقيّةُ كل شيء وأثره من القَطِران والخِضاب ونحوه. والعُصْمُ بالضم مثله. والعِصْمَةُ: المَنْعُ. يقال: عَصَمَهُ الطعامُ، أي منعَه من الجوع. وأبو عاصمٍ: كنية السَويقِ. وأمَّا قول الراجز:
أُرْجِدَ رأسُ شيخةٍ عَيْصومِ
فيقال: هي الأكول. والعِصْمَةُ: الحِفْظُ. يقال: عَصَمْتُهُ فانْعَصَمَ. واعْتَصَمْتُ بالله، إذا امتنعتَ بلُطْفه من المعصية. وعَصَمَ يَعْصِمُ عَصْماً: اكتسبَ. وقوله تعالى: "لا عاصِمَ اليومَ من أمر الله" يجوز أن يراد لا مَعْصومَ، أي لا ذا عِصْمَةٍ، فيكون فاعلٌ بمعنى مفعولٍ. والعُصْمَةُ القلادةُ، والجمع الأعْصامُ. والمِعْصَمُ: موضع السِوار من الساعد. والغرابُ الأعْصَمُ: الذي في جناحِه ريشةٌ بيضاء لأنَّ جناح الطائر بمنزلة اليد له. ويقال: هذا كقولهم: الأبلقُ العَقوقُ، وبَيْضُ الأنوقِ، لكلِّ شيء يعز وجوده. قال الأصمعيّ: الأعْصَمُ من الظباء والوعول: الذي في ذراعيه بياض. وقال أبو عبيدة: الذي بإحدى يديه بياضٌ. والاسم العُصْمَةُ. والوعولُ عُصْمٌ. وعنزٌ عَصْماءُ. والعِصامُ: رباط القِربة وسَيرُها الذي تُحمل به. قال الشاعر أبو كبير:
وقِرْبَةِ أقوامٍ جعلتُ عِصامَها على كاهلٍ مني ذَلولٍ مُرَحَّلِ
قال ابن السكيت: أعْصَمْتُ القربة: جعلت لها عصاماً. وأعْصَمْتُ فلاناً، إذا هيَّأت له في الرحل أو السرج ما يَعْتَصِمُ به لئلا يسقُط. وأعْصَمَ، إذا تشدَّد واستمسك بشيءٍ خوفاً من أن يصرعَه فرسُه أو راحلته. قال الشاعر:
كِفْلُ الفروسةِ دائمُ الإعْصامِ
وكذلك اعْتَصَمَ به واسْتَعْصَمَ به. وأعْصَمَ الرجلُ بصاحبه: لزِمه. وفي المثل: كُنْ عِصامِيًّا ولا تكن عظامياً، يريدون به قوله:
نَفْسُ عِصامٍ سَوَّدَتْ عِصاما
وعَلَّمَتْهُ الكَرَّ والإقْداما
وصَيَّرَتْهُ مَلِكاً هُماما
الرد على الشبهة
معنى ... والله يعصمك من الناس
والله يعصمك من الناس
الرسول لا يجيء إلا بعد أن يعم الشر ويسود الفساد ، وذلك أنه لو لم يسد الفساد ، ولم يعم الشر لاكتفى الله المجتمع ليردع بعضه بعضاً ، أو يكتفي الحق بأن تردع النفس اللوامة النفس الأمارة بالسوء لتستوي النفس المطمئنة على عرش السلوك البشري .
لكن عندما يعم الفساد الكون . فالسماء ترسل الرسول بمنهج يصلح حال البشرية . وبطبيعة الحال لن يترك المجتمع الشرير الرسول لحاله بل يقاومه ؛ لأن مثل هذا المجتمع يريد أن تكون كفة غير متوازية ؛ لأن هناك منتفعين بالفساد والشر ، وهم المدافعون عن الفساد ، فإن جاء من ينصف الضعفاء والمظلومين فلا بد أن يتعرض للمتاعب التي تأتيه من قبل الأقوياء المفسدين .
وعلى الر غم من وفاة الرسول الكريم منذ أكثر من 1400 عام إلا أن الحرب عليه مازالت قائمة وهذا دليل قاطع على أنه قد وفقه الله عز وجل في إبلاغ رسالته وأن صداها مازالت تعيش بيننا إلى يوم الدين ، ومازالت الحرب قائمة عليه حتى بعد وفاته .
إن هذه المتاعب تبدأ في النفس ؛ لأن الرسول مخاطب من الله فيمكنه أن يتحملها ؛ لأن الحق قد أعده لهذه المهمة ، ومثل تلك المتاعب تأتي أيضاً {للأتباع} ، لذلك يمدهم الله بالمدد الذي يجعلهم يتحملونها .
والحق يحفظ للرسول ذاته على الرغم من كل ما يحدث : ( والله يعصمك من الناس ) .
فكأن الحق يقول لرسوله : اطمئن يا محمد ؛ لأن من أرسلك هداية للناس لن يخلي بينك وبين الناس . ولن يجرؤ أحد أن ينهي حياتك . ولكني سأمكنك من الحياة إلى أن تكمل رسالتك .وإياك أن يدخل في رُوعك أن الناس يقدرون عليك ، صحيح أنك قد تتألم ، وقد تعاني من أعراض التعب في أثناء دعوتك ، ولكن هناك حماية إلهية لك .
ونحن نعلم قد المتاعب التي تعرض لها الرسول صلى الله عليه وسلم . ألم تكسر رَباعيته "السن بين الثنية والناب " صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد ؟ ألم يشج وجهه ؟ ألم تدم اصبعه فيقول : { إن أنت إلا أصبع دميت وفي سبيل الله ما لقيت } .
لكن قول الحق سبحانه لرسوله : { والله يعصمك من الناس } لم يكن المقصود هو منع الجهاد في سبيل الله والمعاناة في سبيل نشر الدعوة . ولكن الحق يبين لرسوله : إن أحداً غير قادر على أن يأخذ حياتك .
ولم يمنع سبحانه المتاعب عن رسوله الكريم حتى لا يكون هناك أحد الداعين إلى الله لا يتحمل من الآلام أكثر مما تحمل رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولننظر ونستمع جيداً إلى ما ترويه عائشة أم المؤمنين – رضى الله عنها – حول هذه الآية إنها قالت :
{ سهر رسول الله ذات ليلة وأنا إلى جنبه ، فقلت : يا رسول الله ما شأنك ؟ قال : ( ليت رجلاً صالحاً من أصحابي يحرسني الليلة ) ، قالت : وبينما نحن في ذلك إذ سمعت صوت سلاح .. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من هذا ؟ فقالوا : سعد وحذيفة جئنا نحرسك . فنام صلى الله عليه وسلم حتى سمعت غطيطة ونزلت هذه الآية ... فأخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من قُبَة أدَم وقال : ( انصرفوا أيها الناس فقد عصمني الله ) رواه القرطبي .
وهناك باحثة بلجيكية عكفت على دراسة سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى وصلت إلى هذه النقطة ، فتوقفت عندها تقول : لو كان هذا الرجل يخدع الناس جميعاً ما خدع نفسه في حياته، ولو لم يكن واثقاً من ا، الله يحرسه لما فعل ذلك كتجربة واقعية تدل على ثقته في خالقه . وأضافت الباحثة البلجيكية : ولذلك أنا أقول بملء اليقين :
أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله .
فها هي لمحة واحدة من لمحات حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت سبب في إسلام هذه المرأة .
فاللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
اما من حيث تناقض الايتين الكريمتين
قولة تعالى: { وَاَللَّه يَعْصِمك مِنْ النَّاس }
مع قولة تعالى(وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ)
لما انهزم من انهزم من المسلمين يوم أحد وقتل من قتل منهم, نادى الشيطان: ألا إن محمداً قد قتل, ورجع ابن قميئة إلى المشركين, فقال لهم: قتلت محمداً, وإنما كان قد ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فشجه في رأسه, فوقع ذلك في قلوب كثير من الناس واعتقدوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قتل, وجوزوا عليه ذلك, كما قد قص الله عن كثير من الأنبياء عليهم السلام, فحصل ضعف ووهن وتأخر عن القتال, ففي ذلك أنزل الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم:
{ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَّنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَن يَّضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ }
لتوضيح أكثر
فالرسول جاء على ضربين: أحدهما: يراد به المرسل، والآخر الرسالة، وههنا المراد به المرسل بدليل قوله:
{ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ } [البقرة: 252]
وقوله:
{ يَـاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلّغْ } [المائدة: 67]
وفعول قد يراد به المفعول، كالركوب والحلوب لما يركب ويحلب والرسول بمعنى الرسالة
كقوله : لقد كذب الواشون ما فهت عندهم بسر ولا أرسلتهم برسول
أي برسالة، قال: ومن هذا قوله تعالى:
{ إِنَّا رَسُولاَ رَبّكَ }[طه: 47]
ثم قال: { أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم } وفيه مسائل:
المسألة الأولى : حرف الاستفهام دخل على الشرط وهو في الحقيقة داخل على الجزاء، والمعنى أتنقلبون على أعقابكم ان مات محمد أو قتل، ونظيره ..... >>> قوله: هل زيد قائم، فأنت إنما تستخبر عن قيامه، إلا أنك أدخلت هل على الاسم والله أعلم.
المسألة الثانية : أنه تعالى بين في آيات كثيرة انه عليه السلام لا يقتل
قال:
{ إِنَّكَ مَيّتٌ وَإِنَّهُمْ مَّيّتُونَ }[الزمر: 30]
وقال:
{ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ }[المائدة: 67]
وقال:
{ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدّينِ كُلّهِ }[الصف: 9]
فالقائل إن قال : لما علم أنه لا يقتل فلم قال { أو قتل } ؟ *
فان الجواب عنه من وجوه:
الأول : أن صدق القضية الشرطية لا يقتضي صدق جزأيها، فانك تقول: ان كانت الخمسة زوجا كانت منقسمة بمتساويين، فالشرطية صادقة وجزآها كاذبان، وقال تعالى:
{ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا }[الأنبياء: 22]
فهذا حق مع أنه ليس فيهما آلهة، وليس فيهما فساد، فكذا ههنا.
والثاني: ان هذا ورد على سبيل الالزام، فإن موسى عليه السلام مات ولم ترجع أمته عن ذلك، والنصارى زعموا أن عيسى عليه السلام قتل وهم لا يرجعون عن دينه، فكذا ههنا
والثالث: ان الموت لا يوجب رجوع الأمة عن دينه، فكذا القتل وجب أن لا يوجب الرجوع عن دينه، لانه فارق بين الأمرين، فلما رجع الى هذا المعنى كان المقصود منه الرد على أولئك الذين شكوا في صحة الدين وهموا بالارتداد.
المسألة الثالثة: قوله: { انْقَلَبْتُ