[size=16]قصتي مع الدش ( الستلايت )
في بداية حياتي كنت أمارس الأعمال
الحرة ، وكانت – بفضل الله – تجارتي رابحة تدر علي خيراً كثيراً ، وكانت
حياتي تسير على النهج الإسلامي الصحيح . وما كنت يوماً أتخلف عن الصلوات
الخمس وبخاصة صلاة الفجر ، وكان قلبي يطرب فرحاً حين اسمع أن هناك محاضرة
دينية ، فكنت أذهب إليها ولو كانت بعيدة عن بلدتي وأحرص على أن أكون في الصف
الأول ؛ وكنت محظوظاً في حياتي إذا رزقني الله زوجة صالحة مطيعة ، محافظة على
الصلوات الخمس راعية أمينة على بيتي ولله در الشاعر :
إلا إن النساء خلقن شتى ............... فمنهــــن
الغنيـــة والغــرام
ومنهن الهـــلال إذا تجلي ............... لصاحبـــه ومنهن الظـــــلام
فمن ظفر بصالحهن يظفر ............... ومن يغبن فليس له انتظام
ومنها رزقني الله البنين والبنات وهم : عادل – خالد – سعاد – أمل
إنما أولادنا بيننـــــــــا ............... اكبادنا
تمشي على الأرض
وكانت اسرتي هي النبراس الذي ينير طريقي ، والسلوى التي تبهج قلبي ، ومرت
الأيام والشهور والسنون وكبر أولادي ووصلوا إلى الجامعات . وكنت أنتظر اليوم
الذي أرى فيه أولادي يحملون الشهادات العلمية ولكن الأيام لا تبقى على وتيرة
واحدة ، وسبحان الذي يغير ولا يتغير .
لكل شيء إذا مل تم نقصان .................. فلا يغر بطيب
العيش إنسان
هي الدنيا كما شاهدتها دول .................. من سره زمن ساءته أزمان
فبعد أن عشت مع أسرتي حياة هادئة هانئة ، سعيدة يحسدني عليها أقراني وأصدقائي
...
جاء اليوم الذي انقلبت فيه حياتي إلى حياة الدمار ، إلى حياة البؤس ، إلى
حياة السجون ، إلى حياة التشرد في الطرقات ، إلى الشحاته من الناس ...
إذن ما الحكاية التي دمرت حياتي وشردت أسرتي ؟!!
في
أحد الأيام جاء ابني ( عادل ) وهو أكبر ابنائي إلى البيت ومعه جهاز الستلايت
فاستغربت من هذا الفعل الدنيء ونظرت إليه نظرة ملؤها الإزدراء والإحتقار وقلت
له ماذا تريد أن تفعل ؟
قال : أريد تركيب ( الستلايت ) لكي نشاهد القنوات
الفضائية العالمية . حتى لا نعيش في قوقعه ومنعزلين عن العالم .
متخلفين ، رجعيين همجيين ، بعيدين عن العالم المتحضر ، نريد يا أبي أن نعيش
في عصر النور والتكنولوجيا وحياة القرن العشرين ، حياة الأقمار الفضائية .
حياة الإنطلاق ، والتقدم .
فتعجبت من هذه الأقوال التي خرجت من فم ابني ( عادل ) الهادئ الوديع الرزين .
فأسرعت إليه كالأسد قائلاً :
نحن لا نريد هذه القنوات الفضائية فإنها باب من أبواب الدعوة إلى الفساد
والرذيلة ؟
فقال ابني وهو مصر على رأيه : إذا لم نركب ( الستلايت
) سأخرج من البيت ولن أعود إليه أبداً .
وهنا تدخلت والدته خوفاً على فلذة كبدها من الضياع ، تتوسل إلي وتبكي بحرقة ،
وكذلك أولادي وقفوا مع أخيهم وأمهم يلحون ويتوسلون أن أوافق على تركيب (
الستلايت ) وبعد هذا الضغط المتواصل ذهبت إلى أصحابي استشيرهم في هذه المسألة
...فقال بعضهم :
- عليك أن ترفض رفضاً قاطعاً طلب أولادك ، لأن تلك
القنوات هي الشر المقنع بمسموح التقدم والحضارة ، وإن ما تعرضه من أفلام مخلة
بالشرف والفضيلة ، هو أداة تحطيم وتدمير لأولادنا .
وقال آخرون :
عليك أن توافق لأن أولادك في هذه الحال يكونون تحت بصرك
وأن تراقبهم ومن ثم تستطيع السماع للأخبار العربية العالمية والبرامج الدينية
والعلمية .
وقد استحسنت تلك الفكرة ووافقت على دخول الدش في بيتي ... وهكذا دخل هذا
الضيف الثقيل بيتي ، ولكني قاطعت النظر إليه ، ومرت الأيام والشهور ولم
أشاهده .
ولكن أولادي أدمنوا النظر إلى القنوات الفضائية من أفلام ومسلسلات وعروض
الأزياء ، وعروض مسابقات ملكات الجمال ، وصور عاهرات عاريات ، تحت ستار ما
يسمى ( الثقافة الجنسية ) ولكن الشيطان حبائله طويلة وصبره لا ينتهي ، كما أن
حرصه على إضلال بني آدم غاية الغايات عنده ، فبدأ تحريضي على الغواية
بالتدريج ، حيث وسوس لي باستحسان فكرة تركيب الستلايت ، ثم حرضني على سماع
النشرات الإخبارية ، والبرامج العلمية ، ثم بالتدريج تطرقت إلى مشاهدة هذه
القنوات على استحياء ، ثم تعلق قلبي بها كل التعلق . وبعد أن تملكت تلك
القنوات قلبي ، حرصت على مشاهدة العاهرات اللاتي يقمن بحركات جنسية ملؤها
الأغراء والفتنة ، والتحدث بأصوات ملؤها الدناءة والخساسة ، وظهور الفتيات
الحسناوات وبدأت أنا وأولادي نجلس الساعات الطوال لمشاهدة هذه القنوات وبدأت
اتهاون بالصلاة ، فلا أصليها في وقتها وشيئاً فشيئاً هجرت المساجد بالكلية...
ونسيت حديث الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) الذي يقول :
( السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله
منهم : رجل قلبه معلق بالمساجد ) .
وبل وصل الأمر أن أصلي وقلبي متعلق بمشاهدة الأفلام العربية و الأجنبية وخاصة
المشاهد الغرامية .
وانغمست بمشاهدة هذه القنوات الفضائية وهكذا أولادي وزوجتي وأخذنا نقضي
النهار والليل ، وكان من نتيجة ذلك أن ضعف الإيمان في قلوبنا وحل محله التعلق
بمشاهدة الأفلام والمسرحيات وكونها عربية أو أوروبية ، فنضحك بأعلى أصواتنا
حين نرى شيئاً يضحكنا ونبكي حين نرى شيئاً يبكينا . فعاش قلبي مع مارلين
مونرو ، واليزابيث تايلور ، ومادونا ،و..........و ..... وغيرهن من الفاتنات
.
ولدي عادل يقتل زوجة
ولكن ما كان يخطر على بالي أن أولادي
سوف ينحرفون وينزلقون إلى طريق الهاوية والسقوط .
فابني ( عادل ) الكبير اخذ يراسل إحدى الفتيات الأوروبيات بواسطة ( رسيفر
ديجتال ) حتى فاجأنا في أحد الأيام بأنه قد تزوجها ، لم يقتصر الأمر على هذا
، بل جاء بتلك الزوجة اللعوب إلى بيتي ، وكان ابني يحبها حباً شديداً ويغدق
عليها من الأموال والمجوهرات رغم اعتراضي على هذا الزواج غير المتكافئ ، وغير
المناسب لنا نحن المسلمين ، الذين نتمسك بالشرف والفضيلة ، أما هؤلاء فهم لا
ينظرون إلى الفضيلة والشرف كما ننظر نحن ، وما حادثة ( مونيكا لويسكي –
كلينتون ) عنا ببعيد ومن قبل ذلك ، فضائح القصر الملكي البريطاني وكما يقول
المثل :
لا ينبت الشوك إلا الشوك ، ولا ينبت الصبار إلا الصبار ، فلم تمض شهور عدة
حتى فتحت تلك الفتاة المنحلة من القيم والأخلاق بيتي للفاحشة والرذيلة ، لأن
الطبع يغلب التطبع .
وفي أحد الأيام فوجئ ابني بأن وجد في فراشه شاباً مع زوجته ، فما كان منه إلا
أن أخذ المسدس وقتل زوجته اللعوب وعشيقها وكانت وكانت النتيجة أن أبني دخل
السجن وهو ينتظر أن يساق إلى ساحة الإعدام وهكذا خسرت ابني الأكبر ، وأنا
السبب في ضياعه مني ، يوم سمحت له بالدخول ( رسيفر ديجتال ) إلى بيتي .
[size=16]